اصدقاء السوء وصفاتهم وطرق الابتعاد عنهم// بقلم الدكتور صالح العطوان الحيالي الحيالي

اصدقاء السوء وصفاتهم وطرق الابتعاد عنهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق - 20-7-2018
من أكثر الأمور التي تشغل بال أولياء الأمور وتؤرّقهم الخوف على أبنائهم من مصاحبة اصدقاء السّوء والتّأثر بهم، فما يبذله الوالدان من جهدٍ بدني ونفسي في تربية أبنائهم ورعايتهم سنوات طويلة يجعلهم بلا شكّ يتخوّفون على مستقبل أبنائهم، وما يمكّن أن يحصل لهم من تأثيرٍ سلبي على أخلاقهم وتربيتهم من قبل البيئة المحيطة بهم سواء كان ذلك التّأثير من خلال رفقاء السّوء في المدرسة، أو الحيّ، أو المجتمع ككلّ
الصداقة، من أجمل الأشياء في الحياة، وهي تتربّع على عرش العلاقات الإنسانية، لما فيها من صدق المَشاعر وجمالها، وما فيها من تضحيةٍ ووفاء، لكن في بعض الأحيان ينقادُ الإنسان لعمل صداقاتٍ مع أشخاصٍ غير أسوياء، يُدمّرون حياته ويجرّونه للضياع، ويوقعونه في الكثير من المشكلات، خصوصاً أنّ الصداقة من الأشياء التي تؤثّر في شخصية الإنسان تأثيراً قوياً. يُحذِّر الجميع من أن ينجرّ الصديق نحو صديق السوء، لأنه يقود صاحبه ليفعل نفس فعله، ويكتسب من صفاته السيئة، لذا على كل شخصٍ أن ينتقي أصدقاءه بحذرٍ شديد، وأن يختار الصّديق السويّ منهم، ويبتعد عن صديق السوء، الذي لا يأتي منه أيّ خيرٍ أبداً.
توجد طرقٌ كثيرة لانتقاءِ صديق السوء، وذلك بالسؤال عن الشخص جيّداً قبل صداقته، ومعرفة تاريخه الاجتماعي، ودراسة أخلاقه وصفاته واختبارها، وعدم الاغترار بالمظهر الخارجي للشخص، والتأكّد من مُصادقة الشخص الذي تلقّى تربيةً سويةً في حياته، ومراقبة طريقة تعامله مع الواجبات الدينية وأدائه لها؛ فالشخص القريب من الله تعالى يكون في العادة شخصاً سويّاً؛ لأنّ الصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، وتربّي فيه الأخلاق الحميدة، ويجب أيضاً النظر إلى البيئة التي خرج منها الشخص قبل مصادقته، فالأهل والأخوة يؤثّرون كثيراً في شخصية ابنهم، فالعائلة الصالحة تُربّي جيلاً صالحاً وإنساناً سوياً.
مخاطر اصدقاء السوء
ــــــــــــــــــــــــــ لا شكّ بأنّ المخاطر النّاجمة عن اصدقاء السّوء كثيرة ويمكن أن نذكر عدداً منها
1- أنّ اصدقاء السّوء هم سببٌ لإفساد أخلاق الإنسان، فالإنسان عندما يحاط برفقة سوء يتأثّر بهم بشكلٍ كبير؛ بسبب حثّهم المستمر له على ارتكاب الذّنوب والمعاصي. كما أنّ النّفس الإنسانيّة بطبعها تتأثّر بشكلٍ كبير بما يطرق مسامعها ويداعب تطلّعاتها وشهواتها من الكلام الذي يزيّن الباطل والعبارات المنمّقة التي تؤثّر فيها.
2- أنّ صداقة السّوء قد تؤدّي بالإنسان إلى الهلاك والضّياع، فكثيرٌ من رفقاء السّوء يجعلون الإنسان يرتكب أموراً قد تنعكس آثارها سلباً عليه في حياته، فالمخدرات على سبيل المثال هي من نتائج رفقة السّوء، حيث قد تؤدّي إلى تدمير مستقبل الإنسان ولزوم السّمعة السّيئة به في حياته.
3- أنّ صداقة السّوء تؤدّي إلى تدمير الحياة الشّخصيّة والاجتماعيّة للإنسان، فالنّاس عندما يرون الإنسان يتتبّع طرق السّوء ويسلكها، ويصاحب الأشخاص السّيئين تراهم يبتعدون عنه وينفرون منه ممّا يؤدّي إلى عزلته في المجتمع الذي يعيش فيه.
صفات صديق السوء
ـــــــــــــــــــــــ
صفات صديق السوء كثيرة، وهي صفات بشِعة يجب ملاحظتها وتجنب صاحبها وعدم التقرّب منه، ومن أهمّ صفات صديق السوء ما يلي:
1- يجعل صديقه يشكّ في جميع مُعتقداته الصحيحة، ويحاول تغييرها وتبديلها إلى معتقداتٍ خاطئة، لا تمتّ للأخلاق السويّة بأي صفة.
2- يجرّ صديقه إلى فعل الأعمال المحرمة والمنكرة، مثل التدخين، وشرب الكحول، والمخدرات، والحشيش.
3- يأخذ بيد صديقه إلى معرفة أشخاص غير أسوياء.
4- يزينّ في عين صديقه الشر، ويستر عيوبه عنه، ويكشفها أمام الناس، كما أنه يهوّن وقع المعصية في قلب صديقه، ويُزيّن له التقصير في الطاعات، ويجعله يفعل المحرّمات وضميره غائب.
5- يُربّي في قلب صديقه الأخلاق السيئة الذميمة، ويَقتل كل خُلقٍ حميدٍ فيه، ويقنعه بأن الأخلاق الحميدة ضعف، وأنّ الشر قوة.
6- يحرم صديقه من مصاحبة الأشخاص الصّالحين، ويشوّه صورتهم في عين صديقه وأعين الجميع.
7- يتخلّى عن صديقه في الشدائد، ولا يسانده ولا يُقدّم له العون أبداً، حتى وإن كان قادراً على ذلك.
8- يغتاب الآخرين من أصدقائه، ويحرض صديقه على الفتنة والنميمة.
9- يُصادق الآخرين لأجل مصلحته الشخصية فقط، وعند انتهاء المصلحة يترك أصدقاءه ويتخلّى عنهم.
10- يخون العشرة، وليس له ولاءٌ لصديقه أبداً.
معالجة اختيار اصدقاء السوء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- التّربية الدّينيّة على الأخلاق الحسنة والفضائل والقيم، فالأبناء عندما يغرس فيهم آباؤهم كلّ فضيلةٍ وقيمةٍ حسنة، تراهم ينشؤون نشأةً صحيحة على حبّ الخير وكراهة السّوء والمنكر والشّرور.
2- المراقبة المستمرّة للأبناء من قبل الوالدين، فالتّربية حقيقة لا تكفي على أهميّتها في إبعاد الأبناء عن اصدقاء السّوء، وإنّما تحتاج إلى متابعةٍ مستمرّة ومراقبة من قبل الوالدين لسلوك أبنائهم في الحياة، وإنّ هناك بلا شكّ عدداً من الأمور والإشارات التي تدلّ على وجود رفقة السّوء في حياة الأبناء منها حبّهم للعزلة أو عدم اختلاطهم بالنّاس، وقلّة تحصيلهم الدّراسي.
3- دور المجتمع في القضاء على ظاهرة رفقاء السّوء، فاصدقاء السّوء هم من مخرجات المجتمع، فكلما كان المجتمع راشداً صالحاً يقوم كلّ فردٍ فيه بدروه ويؤدّي فيه المعلمون والمربّون أدوارهم في تربية الأجيال على القيم النّبيلة والأخلاق الحسنة، كلّما قضي على هذه الظّاهرة ومُنع انتشارها.
4- الدور المدرسي
ـــــــــــــ
إذا كانت المدارس الساحة الأساسية لوجود رفقاء السوء، فعليها دور كبير في توعية الطلاب، وتقويم سلوكاتهم، وفي ذلك يقول د . عبدالله السويجي رئيس مجلس التعليم في الشارقة: دور التعليم بالدرجة الأولى يتركز في إعداد الشخصية السوية، من خلال تعزيز المفاهيم، والمبادئ، والقيم التربوية، المستمدة من الكتاب والسنة، والأنشطة الإثرائية التي تعزز هذه الجوانب لدى الطلبة، في ظل المتغيرات التي طرأت، نتيجة افراز مجتمع الرفاه التي احدثت تغيراً جذرياً في أنماط السلوك، والتعامل بين أفراد المجتمع، خاصة الطلبة الذين هم رجال المستقبل .
وللمحافظة على الطلاب لابد أن نعزز لديهم ومن خلال المناهج، والقدوة، والأنشطة الإثرائية، كيفية الحفاظ على أنفسهم من التواصل مع رفقاء السوء، إذا شعر الواحد منهم بأن هذا أو ذاك غير سوي، ومختلف عنه في القيم، والمبادئ، والسلوك، ولقد طبقنا في مدارس الشارقة برنامج الثقافة الأمنية، الذي عزز الشخصية الوطنية لدى الطلبة، وأطلعهم على كيفية في حماية أنفسهم ووطنهم، ووجههم إلى التبليغ عمن يرتكب أفعالاً سيئة من هؤلاء الرفقاء، مع الابتعاد عنهم .
ونحن في أمسّ الحاجة خلال المرحلة الحالية إلى أن نعزز في ابنائنا قيم الحوار، والتواصل، والرأي والرأي الآخر، من خلال ترغيبهم في الاستماع إلى الآخرين، وتحليل ما يسمعونه منهم، وما إذا كان يتفق مع المبادئ، والقيم، والموروث الثقافي أم لا، وبهذا نستطيع المحافظة عليهم من الإنجراف تجاه اصدقاء السوء، والأمر بشكل عام يحتاج إلى تكاتف جميع الجهود، على المستويات المختلفة، وتكثيف الحملات التثقيفية، من خلال وسائل الإعلام، وربط الطلبة بالبيئة المجتمعية، وبالقيم، والأصول، والعادات والتقاليد، وبذلك نستطيع أن نجعل من اصدقاء السوء، وبالحوار، والنقاش، والتعاون، اصدقاء إيجابيين .
5- مصادقة الأبناء
ـــــــــــــــــ
على الأسر توعية الابن بكيفية اختيار أصدقائه، بتوضيح صفات الصديق الجيد له، فيما تعتبر الأم والأب الأفضل للابنة والابن في المصادقة، فبمقدورهما وحدهما توجيه الأبناء لكل ما هو صحيح وسليم من التصرفات، والسلوكات، والأفعال، فيما من الضرورة بمكان أن يبدأ الأب والأم بمصادقة الأبناء منذ الصغر، لاسيما أن معظم الانحرافات تبدأ في الطفولة، وهي الفترة التي يفتقر فيها الأطفال إلى الادراك الكامل بكل الأمور، ما لم تتم توعيتهم وتثقيفهم، ويكون دائماً السبب في هذه الانحرافات رفقاء السوء، والانجراف وراء أفكارهم، خاصة وأن 90% من إنحرافات الأحداث تعود إلى أصدقاء السوء . ولابد أن يكون الأب في المنزل قدوة أمام الأبناء، فإذا كان مثلاً يدخن، ولا يستطيع الإقلاع بسهولة عن ذلك، فعليه إفهام الابن أن السبب وراء هذه العادة السيئة التي يداوم عليها، كان رفيق سوء، وأن مصيره سيكون كذلك إن إنقاد إلى أي من رفقاء السوء، وعليه تنبيهه كذلك إلى أن التدخين بداية الطريق إلى الانحراف بشكل عام، وعلى الآباء والأمهات توجيه الأبناء إلى أن أصدقاء السوء ليسوا بالضرورة أن يكونوا أشراراً، فمن الممكن أن يكون الواحد منهم طيباً، وودود، بما يساعده على التأثير بشكل أكبر في الصديق من هؤلاء، وتكون النهاية ضياع الأخير، وهذا النوع من رفقاء السوء من الخطورة بمكان عن غيرهم ممن يجنحون للعدوانية والعنف، لأن سلاحهم الابتسامة، والتودد والتقرب، وهذا الأسلوب الأخطر في التأثير .
ومن الأهمية ترديد أمثلة للأبناء حول الكيفية السليمة التي يجب أن يكون عليها الصديق من الوقوف إلى جانب صديقه وقت الضيق والشدة، وغير ذلك، ويجب أيضاً توجيه الأبناء إلى نصح أصدقائهم، فيما من الضروري ابتعاد الأسر عن العنف في معاملة وتوجيه الأبناء، فإذا ارتكب الابن مثلاً خطأ بسيطاً، فلا يجب تعنيفه، واللجوء إلى ضربه، وحرمانه من الذهاب إلى المدرسة، وغير ذلك، حيث من الضروري شرح تداعيات الخطأ الذي ارتكبه له، وبيان الخطورة التي قد تترتب عليه، واحتوائه، واحتضانه .المطلوب القيام بحملات مستمرة لا لرفقاء السوء بتنظيم ورش توعوية في المدارس موجهة للطلاب، بالتعاون مع جمعية توعية ورعاية الأحداث، لبيان تأثير رفقاء السوء، وصفاتهم، وأهمية تجنب الانسياق لهم، ونهاية كل فعل مخالف، والورش تتضمن أفلام توعية، وغير ذلك من الإرشادات، والتوجيهات، والإيضاحات ..
د. صالح العطوان الحيالي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مثل ينطبق علي واقعنا(( ظل البيت لمطيره وطارت بيه فرد طيره )) // بقلم د. صالح العطوان الحيالي الحيالي الحيالي

وقاضي قضاة العشق قاتله الهوي/ بقلم الاستاذ توفيق محمد نظمي سرحان