*(ملحمه الانسات والزمان)* بقلم احمد النجار

ملحمة الإنسان والزمان
     /////    10  //////
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
            أخي صبحي الجيار 
                     //////  الحلقة العاشرة //////         
                                              بقلم
                     أحمد عبد اللطيف النجار
                                كاتب عربي

يواصل أخي صبحي الجيار  سرد مأساته الإنسانية في كتابة الفريد ( ربع قرن في القيود ) .
يصف لنا ذكرياته في المدرسة الابتدائية قائلاً .........
من صور  صباي التي لا يمحوها الزمن ، هذه الينابيع العملاقة التي أرضعتني العلم  في مقتبل عمري .
أعني بهم هؤلاء المدرسين  الذين أكن لهم كل تبجيل واحترام ، وما زلت احتفظ لهم في قلبي  بكل حب وامتنان .
كان الفصل الدراسي قديماً لا يزيد عن خمسة وعشرين  تلميذاً  علي أكثر تقدير ، وكان المدرس  يسيطر عليهم
ويحكمهم بسهولة ، بل ويفرض عليهم جبروته الغاشم أحيانا .
ويخيل لي حينما استعرض هيئة التدريس بمدرسة العقادين  فيما بين 1936 و 1940 أن أصغرهم سناً لم يكن يقل عن ثلاثين عاماً ، بينما نري اليوم مدرسين في حدود العشرين أو أقل ، فإذا عُهد لأحدهم بالتدريس  لخمسين أو أكثر من سلالة الأرانب  ؛ فإنه قطعاً  لن يسيطر عليهم  كما يجب، ورغم الجهود الثورية الجبارة التي تبذلها الدولة  في بناء دور العلم ؛ فأن  طوفان الأرانب  سرعان ما يملأ مقاعدها  ويطلب المزيد !
/////// تعليقي .....
بالنسبة الي طوفان الأرانب  كما يسميه أخي صبحي ، فأنه مازال مستمر ونحن في القرن الحادي والعشرين ، رغم غلاء المعيشة الرهيب الذي يطحن المصريين !
وقد أدركت الحكومة المصرية ذلك وغيرت اسم وزارة الصحة والسكان وأصبح اسمها حالياً وزارة الصحة وتنظيم الأسرة !
وما شاء الله تخطي تعداد سكان أم الدنيا حالياً 100 مليون نسمة أي ما يعادل تعداد عشر دول عربية مجتمعة !!
وسوف يستمر طوفان الأرنب  إلي ما لا نهاية !!
تلك هي سنة الله في الأرض  التي يريدون تغييرها
بتفكيرهم الساذج العقيم !!
نعود إلي حديث أخي صبحي وذكرياته في المدرسة الابتدائية .......
كان المدرس قديماً  يعرف تلاميذه واحداً واحداً بالاسم !
ويعرف نقط الضعف فيه ومواطن قوته ، وكنت مرموقاً ومعروفاً لدي المدرسين ، لأني كنت طوال حياتي  المدرسية  اجلس في الصف الأول ، وكنت متفوقاً  في دروسي  معتمداً علي الإصغاء التام لشرح المدرس  وتركيز ذهني فيما يقول ، كذلك كنت احترم المدرس بناء علي أوامر مشددة من والدي .

                   الديكتاتور الرهيب
تحت هذا العنوان كتب أخي صبحي ......
كان يحكم مدرسة العقادين الابتدائية مدرس ضخم الجسم ، رهيب الطلعة ، ذو شخصية جبارة ومسيطرة ، اسمه شاهين أفندي .
لقب أفندي هذا كان يلتصق بكل مدرس  عند النطق باسمه ، أما عندما يخاطبه التلاميذ ، فهم ينادونه  بلقب بك ، أما لقب أستاذ ، فلم يُعرف إلا بعد  ثورة يوليه  التي حررت الجميع من لقب بك المترفع ولقب أفندي  التركي !
كان شاهين أفندي  يقوم بدور المشرف  علي المدرسة
كلها ، وكان يدرس لنا مبادئ العلوم  وفلاحة البساتين ، وكان لا يتورع  عن البطش بكل قسوة وعنف عند أقل خطأ ، فيضرب التلاميذ بخيزرانته الرفيعة  أو بسن المسطرة علي كفيه بالتتابع السريع .
وحرصاً علي النظام كان شاهين أفندي  يعين بعض طلبة السنة الرابعة  المرموقين  كقادة للطوابير  علي سنوات الدراسة الأخرى ، وكان من نصيبي الفصل الثاني  في السنة الثالثة ، وقائد الطابور تبدأ مسئوليته عند انطلاق جرس الطابور  صباحاً ومساء .
وكنت بالطبع كأي تلميذ ، كنت اخشي شاهين أفندي  وأتجنبه حتي أنجو بجلدي  من بطشه وجبروته ، لكنه والحق يُقال  لم يكن يظلم او يفتري عل أحد ،وبفضله حصلت المدرسة علي عدة كؤوس منها كأس  ضخم كان يتصدر  الصور المدرسية أمام حضرة الناظر مأمون  بك إدريس ، ذلك الرجل الطيب الهادئ المسالم ، الذي ترك السلطة الكاملة لشاهين أفندي في إدارة المدرسة .
وبعد تخرجي من مدرسة العقادين بسنوات طويلة ، تصادف أن قابل والدي شاهين أفندي في الطريق  مصادفة ، وكانت قصة مرضي قد نشرتها الصحف وعرفها شاهين أفندي ، وابدي تأثره الشديد لمأساة تلميذه النجيب ، فدعاه والدي  لزيارتي ورحّب هو بالفكرة
؛ لكنه تراجع وأبدى تردده خشية ألا يحتمل رؤيتي في هذا الوضع المقيد ، وكم كنت أود أن أقابل شاهين أفندي بعد ان نمت شخصيتي  وتخليت عن كثير من عقد الطفولة  والصبا .
&&  يحدثنا بعد ذلك أخي صبحي عن ذكرياته  عن أحلامه المفزعة  والكوابيس التي كان  يشاهدها  في نومه كثيراً وأنه كان يشاهد في منامه أحيانا  أحلام وردية جميلة .
بل أن النوم كان يحل له بعض مشاكله !
يقول أخي صبحي ............
اذكر ذات ليلة كنت أتحدث تليفونياً مع احدي الصديقات ، وتعّرض الحديث لأحد  شوارع جاردن سيتي  الذي كانت تسكن فيه ؛ فراحت تصفه لي  في كثير من التفاصيل ، ووجدت صورة هذا الشارع  تقفز إلي مخيلتي  في وضوح  لأني كنت أمر به يوميا طيلة ثلاث سنوات  في طريقي إلي  مدرسة الإبراهيمية الثانوية ، ووجدت نفسي اسألها عن اسم هذا الشارع ، لكنها رفضت بطريقة متشككة ضايقتني ، ولم أشأ أن ألح  في معرفة اسم الشارع حتي لا أؤكد وهمها ، لكنني بعد انتهاء الحديث ظللت أفكر في اسم الشارع الذي مررت به  وقرأت لافتته مئات المرات ، ولو انه كان قد مضي أكثر من 15 سنة
منذ أن مررت به لآخر مرة !
وظللت اعتصر ذهني حتي استجمع صورة  اللافتة ، فلم استطع ابد أن اصل إلي اسم الشارع ، ودهمني النوم ، ورأيت في منامي أني أسير في هذه المنطقة ، ورأيت اللافتة  وقرأت عليها اسم الشارع !
وأحسست في منامي بفرحة الانتصار ، وظللت أردد الاسم حتي لا أنساه ، واستيقظت في الصباح والاسم ما زال في رأسي .
وعندما حدثتني صديقتي ، فاجأتها باسم الشارع ، فأذهلتها المفاجأة  لأنها تعرف أني لا أغادر منزلي أبدا ، وظنت أني بعثت من يتجسس عليها !!
   ــــــــــــــــــــ  نكتفي بهذا القدر ـــــــــــــــــــــــــــ
&& الحلقة الحادية عشرة ......
&& قريبا ان شاء الله .
                                 أحمد عبد اللطيف النجار
                                          كاتب عربي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اصدقاء السوء وصفاتهم وطرق الابتعاد عنهم// بقلم الدكتور صالح العطوان الحيالي الحيالي

مثل ينطبق علي واقعنا(( ظل البيت لمطيره وطارت بيه فرد طيره )) // بقلم د. صالح العطوان الحيالي الحيالي الحيالي

وقاضي قضاة العشق قاتله الهوي/ بقلم الاستاذ توفيق محمد نظمي سرحان